اما بعد أما بعدُ، فإن خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ
قال تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) وحذر سبحانه وتعالى من خيانة الأمانات فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)
عباد الله: عَنْ نَافِعٍ مولى عبدِالله بنِ عمر رضي الله عنهما قَالَ : خَرَجَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضي الله عنهما فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ ومعه أصحاب له، فوضعوا سفرة، فمرّ بهم رَاعِي غَنَمٍ ، فَسَلَّمَ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : هَلُمَّ يَا رَاعِي ، هَلُمَّ ، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ . فَقَالَ الراعي : إِنِّي صَائِمٌ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَدِيدِ سُمُومُهُ ، وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْجِبَالِ تَرْعَى هَذَه الْغَنَمَ ؟ . فَقَالَ الراعي : إيْ وَاللهِ أُبَادِرُ أَيَّامِيَ الْخَالِيَةَ . فأُعْجِبَ به ابْنُ عُمَرَ وقَالَ لَهُ وَهُوَ يُرِيدُ أن يَخْتَبِرُ امانته وَرَعَهُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيَكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيَكَ مِنْ لَحْمِهَا فَتُفْطِرَ عَلَيْهِ فَقَالَ الراعي إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ : فَمَا عَسَى سَيِّدُكَ فَاعِلًا إِذَا فَقَدَهَا فَقُلْتَ له أَكْلَهَا الذِّئْبُ فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يَقُولُ فأَيْنَ اللهُ .فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي،يَقُولُ قَالَ الرَّاعِي فَأَيْنَ اللهُ وبكى لقول الراعي فأنا والله أحق أن أقول فأين الله . قال نافع : فَلَمَّا قَدِمَ ابن عمر الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلَاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ وَاشترى الرَّاعِي فَأَعْتَقَ الرَّاعِيَ وَوَهَبَ لَهُ الْغَنَمَ ))
إنها قصة قصيرة ، لكنها تعطي انطباعاً عن حال السلف الصالحين إنها تحكي أخلاقهم الفاضلة وحالهم مع الأمانة ومراقبة االله
الأمانة تفسر بأمرين: أحدهما: فرائض الله وحقوق الله، من صلاة وصوم وجهاد ونحو ذلك وهكذا التكليف بما حرم الله على عباده أن يمتنع عنه الإنسان أمانة،
والأمر الثاني: حاجات الناس وحقوق الناس من الودائع والرهون، هذه يقال لها: أمانة أيضاً ايهما كانت ذلك الخلق العظيم الذي به تُحفظ وتُصان الدماء والأموال والأعراض وبه يُقام الدين،ويُعبَد الله في أرضه وبه ينال العبد رضا ربه،وثناء الناس له من حوله،لا يستغني عنها الأفراد ولا الدول.وقد أمر الإسلام بخُلق الأمانة وبيّن أهميته وفضله وأثره في الحياة الدنيا والآخرة
والأمانة ليس فقط حفظ الودائع، بل خلق جليل من أخلاق الإسلام، وأساس من أسسه، فهي فريضة عظيمة حملها الإنسان، بينما أبى السماوات والأرض والجبال أن يحملنها لعظمها وثقلها، يقول تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ٧٢﴾ فاﻹﺳﻼﻡ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﲪﻠﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﺎﻟﺼﻼﺓ امانة،ﻭﺍﻟﺰﻛﺎﺓ امانة،ﻭﺍﻟﺼﻮﻡ ﻭﺍﳊﺞ امانة،فماذا نحن فاعلون بهذه الامانات ﻭﻧﻌﻢ ﺍﷲ ﺃﻣﺎﻧﺔ لا فرق فيها بين حاكم أو محكوم أو أو عامل وزارع فهي شرف للجميع، جعلها النبي -صلى الله عليه وسلم من علامات الإيمان والحديث في سن الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) ويوم أن فقدنا الأمانة رأينا الخيانة والتقصير والتهرب من المسؤولية والغش والتحايل والظلم ففسدت الحياة، وساءت العلاقات بين البشر، لذلك حرص الإسلام على أدائها في كل عمل؛ في العبادات والمعاملات، وفي البيع والشراء، وفي الوظائف والأعمال وتولى المناصب،وفي التعامل الأسري وتربية الأولاد وحتى في معاملة غير المسلم لا بد أن يتخلق المسلم بالأمانة وقد وصف الله أهل الإيمان فقال(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)
والأمانة خُلق الأنبياء والرسل لو تتبعنا ايات القران لوجدنا فيها الكثير والأنبياء والرسل هم أمناء الله في أرضه على شرائعه ودينه لذلك كانت الأمانة واجبة لهم كما قال هود عليه السلام ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ وكما قال يوسف عليه السلام:﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ٥٤﴾ وكما قالت ابنة شعيب عليه السلام في وصف موسى عليه السلام حيث قالت :﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ٢٦﴾
لقد كان الرسول محمد ﷺ مثالاً للأمانة كيف لا وقد ائتمنه الله تعالى على رسالته الخاتمة فكان خير من أدى هذه الأمانة إلى حد الكمال لُقِب قبل البعثة بالصادق الأمين حينما هاجر من مكة إلى المدينة، ترك علي بن أبي طالب عليه السلام، ليعطي المشركين الودائع والأمانات التي تركوها عنده. وقد أمر بألأمانة وحفظها ونهى عن الخيانة ولو مع الخصم الخائن قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك(اخرجه أبو داود في صحيحه
عباد الله: لقد أصبحنا اليوم نبحث صاحب الأمانة بين الناس نبحث عن التاجر الأمين، والعامل الأمين، والبائع الذي يتعامل بالأمانة، والموظف والمعلم وغير ذلك فلا نجد إلا القليل؛ فالأمانة أصبحت عملة نادرة بسبب الغفلة عن الآخرة، وحب الدنيا والبعد عن الدين وتعاليمه وعدم إدراك خطورة ضياع الأمانة في حياة الناس وعندما سئل رسول الله عليه الصلاة والسلام عن الساعة، وقال له رجل: متى الساعة؟ قال: "إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة"، فقال: وكيف إضاعتها؟ قال: "إذا وسٌدّ الأمر لغير أهله فأنتظر الساعة" (رواه البخاري).إن الأمانة خُلق شامل لكل مظاهر الحياة
(فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ)
أقول ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستعغره انه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية: الحمد لله على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له تعظيماً لشأْنِه، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلوات ربي وتسليماته عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه ومن اهتدى بهديه وتمسك بشريعته. اما بعد:
أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 281].
في عهد عمر بن الخطاب عندما فتحت فارس وسقط مُلك الأكاسرة أرسل القائد الفاتح نفائس الإيوان إلى المدينة المنورة كانت أكواما من الذهب والجواهر بعضها فوق بعض حملت من المدائن إلى دار الخلافة لم تنقص ذرة خلال آلاف الأميال، قال ابن جرير: لما قدم بسيف كسرى مع بقية الكنوز، قال عمر: "إن أقوامًا أدوا هذا لذوو أمانة"، فقال له علي بن أبي طالب "إنك عففت يا أمير المؤمنين فعفت الرعية". وكذلك الأبناء والزوجة امانة الاب - امانة ان يطعمهم الحلال ويكسوهم الحلال لكي يكتسبوا الأمانة و يصلح ويتعفف العائلة بأكملها
إنها الأمانة التي جعلت ابن المبارك يعود من مرو في خراسان إلى الشام ليرد قلماً استعاره من صاحبه، ومكث في هذه الرحلة شهراً كاملاً<<ذلك أنه بأداء الأمانة يأمن الناس بعضهم بعضاً، وتتيسر أمورهم وتحفظ حقوقهم، وتصان الأموال والأعراض، وينتشر الخير ويدوم المعروف،
عباد الله: لنبحث عن الأمانة التي فقدناها ونؤديها كما أمرنا ديننا ونحييها في قلوبنا وسلوكياتنا، ونربي عليها أبنائنا،وننصح بها بعضنا،ولنحذر أنّ خائن الأمانة سوف يُعذَّب بسببها في النار، وتكون عليه خزياً وندامة يوم القيامة،قال النبي صلى الله عليه وسلم "لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة" (رواه البخاري).اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت
اسال الله تعالى ان يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه
اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا والحاضرين ووالديهم و للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات،
ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنا وقنا عذاب النار وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
، (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).
قال تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) وحذر سبحانه وتعالى من خيانة الأمانات فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)
عباد الله: عَنْ نَافِعٍ مولى عبدِالله بنِ عمر رضي الله عنهما قَالَ : خَرَجَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضي الله عنهما فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ ومعه أصحاب له، فوضعوا سفرة، فمرّ بهم رَاعِي غَنَمٍ ، فَسَلَّمَ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : هَلُمَّ يَا رَاعِي ، هَلُمَّ ، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ . فَقَالَ الراعي : إِنِّي صَائِمٌ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَدِيدِ سُمُومُهُ ، وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْجِبَالِ تَرْعَى هَذَه الْغَنَمَ ؟ . فَقَالَ الراعي : إيْ وَاللهِ أُبَادِرُ أَيَّامِيَ الْخَالِيَةَ . فأُعْجِبَ به ابْنُ عُمَرَ وقَالَ لَهُ وَهُوَ يُرِيدُ أن يَخْتَبِرُ امانته وَرَعَهُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيَكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيَكَ مِنْ لَحْمِهَا فَتُفْطِرَ عَلَيْهِ فَقَالَ الراعي إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ : فَمَا عَسَى سَيِّدُكَ فَاعِلًا إِذَا فَقَدَهَا فَقُلْتَ له أَكْلَهَا الذِّئْبُ فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يَقُولُ فأَيْنَ اللهُ .فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي،يَقُولُ قَالَ الرَّاعِي فَأَيْنَ اللهُ وبكى لقول الراعي فأنا والله أحق أن أقول فأين الله . قال نافع : فَلَمَّا قَدِمَ ابن عمر الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلَاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ وَاشترى الرَّاعِي فَأَعْتَقَ الرَّاعِيَ وَوَهَبَ لَهُ الْغَنَمَ ))
إنها قصة قصيرة ، لكنها تعطي انطباعاً عن حال السلف الصالحين إنها تحكي أخلاقهم الفاضلة وحالهم مع الأمانة ومراقبة االله
الأمانة تفسر بأمرين: أحدهما: فرائض الله وحقوق الله، من صلاة وصوم وجهاد ونحو ذلك وهكذا التكليف بما حرم الله على عباده أن يمتنع عنه الإنسان أمانة،
والأمر الثاني: حاجات الناس وحقوق الناس من الودائع والرهون، هذه يقال لها: أمانة أيضاً ايهما كانت ذلك الخلق العظيم الذي به تُحفظ وتُصان الدماء والأموال والأعراض وبه يُقام الدين،ويُعبَد الله في أرضه وبه ينال العبد رضا ربه،وثناء الناس له من حوله،لا يستغني عنها الأفراد ولا الدول.وقد أمر الإسلام بخُلق الأمانة وبيّن أهميته وفضله وأثره في الحياة الدنيا والآخرة
والأمانة ليس فقط حفظ الودائع، بل خلق جليل من أخلاق الإسلام، وأساس من أسسه، فهي فريضة عظيمة حملها الإنسان، بينما أبى السماوات والأرض والجبال أن يحملنها لعظمها وثقلها، يقول تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ٧٢﴾ فاﻹﺳﻼﻡ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﲪﻠﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﺎﻟﺼﻼﺓ امانة،ﻭﺍﻟﺰﻛﺎﺓ امانة،ﻭﺍﻟﺼﻮﻡ ﻭﺍﳊﺞ امانة،فماذا نحن فاعلون بهذه الامانات ﻭﻧﻌﻢ ﺍﷲ ﺃﻣﺎﻧﺔ لا فرق فيها بين حاكم أو محكوم أو أو عامل وزارع فهي شرف للجميع، جعلها النبي -صلى الله عليه وسلم من علامات الإيمان والحديث في سن الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) ويوم أن فقدنا الأمانة رأينا الخيانة والتقصير والتهرب من المسؤولية والغش والتحايل والظلم ففسدت الحياة، وساءت العلاقات بين البشر، لذلك حرص الإسلام على أدائها في كل عمل؛ في العبادات والمعاملات، وفي البيع والشراء، وفي الوظائف والأعمال وتولى المناصب،وفي التعامل الأسري وتربية الأولاد وحتى في معاملة غير المسلم لا بد أن يتخلق المسلم بالأمانة وقد وصف الله أهل الإيمان فقال(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)
والأمانة خُلق الأنبياء والرسل لو تتبعنا ايات القران لوجدنا فيها الكثير والأنبياء والرسل هم أمناء الله في أرضه على شرائعه ودينه لذلك كانت الأمانة واجبة لهم كما قال هود عليه السلام ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ وكما قال يوسف عليه السلام:﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ٥٤﴾ وكما قالت ابنة شعيب عليه السلام في وصف موسى عليه السلام حيث قالت :﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ٢٦﴾
لقد كان الرسول محمد ﷺ مثالاً للأمانة كيف لا وقد ائتمنه الله تعالى على رسالته الخاتمة فكان خير من أدى هذه الأمانة إلى حد الكمال لُقِب قبل البعثة بالصادق الأمين حينما هاجر من مكة إلى المدينة، ترك علي بن أبي طالب عليه السلام، ليعطي المشركين الودائع والأمانات التي تركوها عنده. وقد أمر بألأمانة وحفظها ونهى عن الخيانة ولو مع الخصم الخائن قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك(اخرجه أبو داود في صحيحه
عباد الله: لقد أصبحنا اليوم نبحث صاحب الأمانة بين الناس نبحث عن التاجر الأمين، والعامل الأمين، والبائع الذي يتعامل بالأمانة، والموظف والمعلم وغير ذلك فلا نجد إلا القليل؛ فالأمانة أصبحت عملة نادرة بسبب الغفلة عن الآخرة، وحب الدنيا والبعد عن الدين وتعاليمه وعدم إدراك خطورة ضياع الأمانة في حياة الناس وعندما سئل رسول الله عليه الصلاة والسلام عن الساعة، وقال له رجل: متى الساعة؟ قال: "إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة"، فقال: وكيف إضاعتها؟ قال: "إذا وسٌدّ الأمر لغير أهله فأنتظر الساعة" (رواه البخاري).إن الأمانة خُلق شامل لكل مظاهر الحياة
(فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ)
أقول ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستعغره انه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية: الحمد لله على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له تعظيماً لشأْنِه، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلوات ربي وتسليماته عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه ومن اهتدى بهديه وتمسك بشريعته. اما بعد:
أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 281].
في عهد عمر بن الخطاب عندما فتحت فارس وسقط مُلك الأكاسرة أرسل القائد الفاتح نفائس الإيوان إلى المدينة المنورة كانت أكواما من الذهب والجواهر بعضها فوق بعض حملت من المدائن إلى دار الخلافة لم تنقص ذرة خلال آلاف الأميال، قال ابن جرير: لما قدم بسيف كسرى مع بقية الكنوز، قال عمر: "إن أقوامًا أدوا هذا لذوو أمانة"، فقال له علي بن أبي طالب "إنك عففت يا أمير المؤمنين فعفت الرعية". وكذلك الأبناء والزوجة امانة الاب - امانة ان يطعمهم الحلال ويكسوهم الحلال لكي يكتسبوا الأمانة و يصلح ويتعفف العائلة بأكملها
إنها الأمانة التي جعلت ابن المبارك يعود من مرو في خراسان إلى الشام ليرد قلماً استعاره من صاحبه، ومكث في هذه الرحلة شهراً كاملاً<<ذلك أنه بأداء الأمانة يأمن الناس بعضهم بعضاً، وتتيسر أمورهم وتحفظ حقوقهم، وتصان الأموال والأعراض، وينتشر الخير ويدوم المعروف،
عباد الله: لنبحث عن الأمانة التي فقدناها ونؤديها كما أمرنا ديننا ونحييها في قلوبنا وسلوكياتنا، ونربي عليها أبنائنا،وننصح بها بعضنا،ولنحذر أنّ خائن الأمانة سوف يُعذَّب بسببها في النار، وتكون عليه خزياً وندامة يوم القيامة،قال النبي صلى الله عليه وسلم "لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة" (رواه البخاري).اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت
اسال الله تعالى ان يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه
اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا والحاضرين ووالديهم و للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات،
ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنا وقنا عذاب النار وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
، (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).
