قال الحافظ الكبير الخطيب البغدادي نقلًا عن بعض المحدثين:
(مَن طالَع الكُتُبَ لنفسهِ بدونِ مُعَلِّمٍ يُسمَّى صحفِيًّا ولا يُسمى مُحَدِّثَا ومَن قَرأ القُرآن لِنَفْسه بِدُون مُعَلِّمٍ يُسَمَّى مُصْحَفِيًّا ولا يسمى قارئًا).
وكان أبو حيّان الأندلسيّ النَّحْوي كثِيرًا ما ينشد:
يَظُنُّ الغُمْرُ أنَّ الكُتْبَ تَهْـدِي*** أَخـَا فَـهْمٍ لِإدْراكِ العُلُـــومِ
وَمـا يَدْرِي الجَـهُولُ بِأنَّ فِيـها *** غَوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الفَهِيمِ
إِذا رُمْتَ العُلُومَ بِغَيْرِ شَيْــخٍ *** ضَلَلْتَ عَنِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ
وتَلْتَبِسُ العُلُومُ عَلَيْكَ حَتَّـى *** تَصِيرَ أَضَلَّ مِن تُومَا الحَــكِيمِ
الغُمْرَ: الجاهل الذي لم يُجَرِّب الأُمور.
رُمْتَ: طَلَبْت
وتوما الحكيم هذا كان طبيبا، ولكنه لم يدرس على شيوخ ومعلمين بل أخذ علم الطب من الكُتُب، وقد وَقَع التَّصحيف (خطأ في الكتابة) في بَعض الكتُب التي عِندَه، فكان يَقْرَأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الحبةُ السَّوداء شِفاءٌ مِن كُلّ داءٍ) بدل كَلِمَة (حَبّة) يقرأ (حَيّة) فصار يداوي الناس بالحية السوداء شديدة السم، فمَاتَ بِسَبَب تَطَبـُّبِه خَلْقٌ كَثِير.
وهنا ننتبه إلى الفرق بين الجهل البسيط والجهل المركب فصاحب الجهل البسيط جاهل يعلم أنه جاهل، ولا يدعي العلم، بخلاف صاحب الجهل المركب فإنه مع جهله يظن أنه عالم، فجهله مركب من جهلين: الجهل بالشىء، والجهل بأنه جاهل بذلك الشيء، وهذا أخطر شيء على نفسه وعلى الناس.
كما أن المعرفة لا تكون بمطالعة الكتب فقط بل باختيار شيخ عارف ثقة، أخذ العلم عَمَّن قبله بالسند المتصل فنـتلقى منه العلم الشرعي الصافي الخالي من الأفكار الخبيثة والآراء المنحرفة.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(مَن طالَع الكُتُبَ لنفسهِ بدونِ مُعَلِّمٍ يُسمَّى صحفِيًّا ولا يُسمى مُحَدِّثَا ومَن قَرأ القُرآن لِنَفْسه بِدُون مُعَلِّمٍ يُسَمَّى مُصْحَفِيًّا ولا يسمى قارئًا).
وكان أبو حيّان الأندلسيّ النَّحْوي كثِيرًا ما ينشد:
يَظُنُّ الغُمْرُ أنَّ الكُتْبَ تَهْـدِي*** أَخـَا فَـهْمٍ لِإدْراكِ العُلُـــومِ
وَمـا يَدْرِي الجَـهُولُ بِأنَّ فِيـها *** غَوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الفَهِيمِ
إِذا رُمْتَ العُلُومَ بِغَيْرِ شَيْــخٍ *** ضَلَلْتَ عَنِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ
وتَلْتَبِسُ العُلُومُ عَلَيْكَ حَتَّـى *** تَصِيرَ أَضَلَّ مِن تُومَا الحَــكِيمِ
الغُمْرَ: الجاهل الذي لم يُجَرِّب الأُمور.
رُمْتَ: طَلَبْت
وتوما الحكيم هذا كان طبيبا، ولكنه لم يدرس على شيوخ ومعلمين بل أخذ علم الطب من الكُتُب، وقد وَقَع التَّصحيف (خطأ في الكتابة) في بَعض الكتُب التي عِندَه، فكان يَقْرَأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الحبةُ السَّوداء شِفاءٌ مِن كُلّ داءٍ) بدل كَلِمَة (حَبّة) يقرأ (حَيّة) فصار يداوي الناس بالحية السوداء شديدة السم، فمَاتَ بِسَبَب تَطَبـُّبِه خَلْقٌ كَثِير.
وهنا ننتبه إلى الفرق بين الجهل البسيط والجهل المركب فصاحب الجهل البسيط جاهل يعلم أنه جاهل، ولا يدعي العلم، بخلاف صاحب الجهل المركب فإنه مع جهله يظن أنه عالم، فجهله مركب من جهلين: الجهل بالشىء، والجهل بأنه جاهل بذلك الشيء، وهذا أخطر شيء على نفسه وعلى الناس.
كما أن المعرفة لا تكون بمطالعة الكتب فقط بل باختيار شيخ عارف ثقة، أخذ العلم عَمَّن قبله بالسند المتصل فنـتلقى منه العلم الشرعي الصافي الخالي من الأفكار الخبيثة والآراء المنحرفة.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.