• بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ..... اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴿1﴾ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴿2﴾ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ۖ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴿3﴾ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿4﴾ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ﴿5﴾ مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا ۖ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ﴿6﴾ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ۖ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿7﴾ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ﴿8﴾ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ﴿9﴾ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿10﴾ وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴿11﴾ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ ﴿12﴾ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴿13﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿14﴾ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴿15﴾ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴿16﴾ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ﴿17﴾ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴿18﴾ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ﴿19﴾ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴿20﴾ أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ ﴿21﴾ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴿22﴾ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴿23﴾ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ۖ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ۖ هَٰذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ۗ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ۖ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴿24﴾ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴿25﴾ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ﴿26﴾ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴿27﴾ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴿28﴾ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَٰهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴿29﴾ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴿30﴾ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴿31﴾ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا ۖ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴿32﴾ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴿33﴾ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴿34﴾ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴿35﴾ وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ هُمْ كَافِرُونَ ﴿36﴾ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ ﴿37﴾ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿38﴾ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴿39﴾ بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴿40﴾ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿41﴾ قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَٰنِ ۗ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ﴿42﴾ أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا ۚ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ ﴿43﴾ بَلْ مَتَّعْنَا هَٰؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ۗ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴿44﴾ قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ ۚ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ ﴿45﴾ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿46﴾ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ﴿47﴾ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ ﴿48﴾ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ﴿49﴾ وَهَٰذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ ۚ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ﴿50﴾ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴿51﴾ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴿52﴾ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴿53﴾ قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿54﴾ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ﴿55﴾ قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴿56﴾ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ﴿57﴾ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ﴿58﴾ قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿59﴾ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴿60﴾ قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ﴿61﴾ قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ﴿62﴾ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴿63﴾ فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ﴿64﴾ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ﴿65﴾ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ﴿66﴾ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿67﴾ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴿68﴾ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ﴿69﴾ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴿70﴾ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴿71﴾ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ﴿72﴾ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴿73﴾ وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ﴿74﴾ وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا ۖ إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿75﴾ وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿76﴾ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿77﴾ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ﴿78﴾ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴿79﴾ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴿80﴾ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ﴿81﴾ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ﴿82﴾ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴿83﴾ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ ﴿84﴾ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴿85﴾ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا ۖ إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿86﴾ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿87﴾ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴿88﴾ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴿89﴾ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴿90﴾ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴿91﴾ إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴿92﴾ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ۖ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴿93﴾ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴿94﴾ وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿95﴾ حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ﴿96﴾ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿97﴾ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ﴿98﴾ لَوْ كَانَ هَٰؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا ۖ وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿99﴾ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ ﴿100﴾ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ﴿101﴾ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴿102﴾ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴿103﴾ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴿104﴾ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴿105﴾ إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ﴿106﴾ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴿107﴾ قُلْ إِنَّمَا يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴿108﴾ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۖ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ ﴿109﴾ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ ﴿110﴾ وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ﴿111﴾ قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ ۗ وَرَبُّنَا الرَّحْمَٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴿112﴾ .... سورة الأنبياء ....
  • بادئ الموضوع تاريخ البدء
  • المشاهدات 101
  • الردود 5

كلمة المدير

جميع المواضيع والمشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها، ولا تعبّر بأي شكل من الاشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى .

الغريبة

الواحات الإسلامية
طاقم الإدارة
مديرة إدارة الواحات الإسلامية
إنضم
15 نوفمبر 2022
المشاركات
6,349
مستوى التفاعل
6,578
المكافآت
6

وهزم الأحزاب وحده

مركز حصين للدراسات والبحوث

عناصر الخطبة
1/زلزال البلاء
2/إرجاف أهل النفاق
3/ثبات أهل الإيمان وثقتهم بنصر الله
4/الله ناصر عباده وهازم الأحزاب وحده


الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَه، وَنَصَرَ عَبْدَه، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، لَا شَيْءَ قَبْلَهُ وَلَا شَيْءَ بَعْدَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَرْسَلَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقّ، فَأَعْلَى ذِكْرَهُ وَأَتَمَّ سَعْدَه، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْد: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ الله-، وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ السُّوءَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة،
وَجَعَلَ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا.

عِبَادَ الله: فِي السَّنَةِ الخَامِسَةِ لِلْهِجْرَة، يَذْهَبُ بَعْضُ اليَهُودِ إِلَى قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ يُؤَلِّبُونَهُمْ وَيَؤُزُّونَهُمْ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابِه، وَيَتوَاعَدُونَ عَلَى القِتَالِ حَتَّى القَضَاءِ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَمَنْ مَعَه، فَتَخْرُجُ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ قَبَائِلِ العَرَب، فِي عَشَرَةِ آلَافِ مُقَاتِل، وَيُجْمِعُونَ أَمْرَهُمْ لِيَقْضُوا عَلَى الإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ فِي عُقْرِ دَارِهِم.

يَصِلُ جَيْشُ المُشْرِكِينَ بِرِجْسِهِم، وَحِينَئِذٍ يَنْقُضُ يَهُودُ بَنِي قُرَيْظَةَ العَهْدَ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَيَتَجَهَّزُونَ لِيَقْضُوا عَلَى المُسْلِمِينَ مِنْ دَاخِلِ المَدِينَة، فَيَشْتَدُّ الكَرْب، وَيَعْظُمُ الخَطْب، وَيَصِيرُ الحَالُ عَلَى مَا بَيَّنَهُ اللهُ تَعَالَى بِقَوْلِه: (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا).

هَذَا، وَبَيْنَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَالمُؤْمِنُونَ يَسْتَعِدُّونَ لِمُوَاجَهَةِ عَدَاوَةِ المُشْرِكِينَ مِنْ فَوْقِهِم، وَعَدَاوَةِ اليَهُودِ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُم، كَانَ بَيْنَهُمْ عَدُوٌّ ثَالِثٌ؛ مُنَافِقُونَ يَفُتُّونَ فِي عَضُدِ المُؤْمِنِين، وَيَبْغُونَهُمُ الفِتْنَة.

لَقَدْ وَقَفَ المُنَافِقُونَ يُعَوِّقُونَ المُؤْمِنِينَ وَيَبُثُّونَ فِيهِمُ الأَرَاجِيفَ وَالوَهَنَ وَالضَّعْف، وَيَبْعَثُونَ الرَّسَائِلَ الِانْهِزَامِيَّة، حَتَّى يَنْفَضَّ المُؤْمِنُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَدَعْوَتِه.

كَانُوا يَتَهَكَّمُونَ بِالمُجَاهِدِينَ وَيَلْمِزُونَهُم، وَيَصِفُونَهُمْ بِالغُرُورِ وَالطَّيْش، يَتَخَلَّفُونَ عَنْهُمْ وَيُضْعِفُونَ عَزَائِمَهُمْ، فيَخْذُلُونَهُم وَيُخَذِّلُونَهُم.

لَمْ يَكُنْ لَهُمْ هَمٌّ سِوَى أَنْفُسِهِمْ وَمَطَامِعِهِمُ الدَّنِيئَة، يَبْحَثُونَ عَنْ أَيِّ حَيَاة، حَتَّى لَوْ كَانَتْ كَحَيَاةِ البَهَائِم، وَلِذَا فَالجِهَادُ عِنْدَهُمْ هَلَكَةٌ وَفَسَاد، وَالفِرَارُ مِنْهُ نَعِيمٌ يُرَاد.

وَأَمَّا وِجْهَتُهُمْ وَانْتِمَاؤُهُمْ وَوَلَاؤُهُمْ فَلِلْكُفَّارِ أَعْدَاءِ الدِّين، يُعَظِّمُونَهُمْ وَيَتَّبِعُونَ أَفْكَارَهُمْ وَمَنَاهِجَهُم، وَيُعَادُونَ أَهْلَ الإِيمَانِ وَالصَّلَاح، وَيَتَّهِمُونَهُمْ بِكُلِّ نَقِيصَة، وَيَحْقِرُونَ جُهْدَهُم، وَيَخْذُلُونَهُمْ بِالقَوْلِ وَالفِعْل.

إِنَّ جُرْثُومَةَ النِّفَاقِ أَخْبَثُ مِنْ سَرَطَانِ الكُفْر، فَالكُفَّارُ صَفُّهُمْ وَاضِحٌ لَا يَعْتَرِيهِمْ لَبْسٌ فِي أَقْوَالِهِم وَمَوَاقِفهِم، أَمَّا المُنَافِقُونَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا، وَيَسْتَقْبِلُونَ قِبْلَتَنَا، ثُمَّ هُمْ يَطْعَنُونَنَا مِنَ الخَلْفِ بِخَنَاجِرِهِمُ المَسْمُومَة، فَمَا الحِيلَةُ مَعَهُم؟

عِبَادَ الله: كانَ الـمُؤمِنُونَ قَدِ استعدُّوا لِلِقَاءِ الأَعدَاءِ بِحَفْرِ الخَندَق، وكَانَ قَد أصَابَهُم جُوعٌ وَكَرب، ولكِنَّهُم ثَبَتُوا صَادِقِينَ مُوقِنِينَ بِوَعْدِ اللهِ يَحْفِرُونَ بِمَعَاوِلِهِم، وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى ظُهُورِهِم، غَيْرَ مُبَالِينَ بِقُوَّةِ الأَعْدَاءِ وَمُسَانَدَةِ الأَحْزَابِ لَهُم.

نَعَمْ، أَجْسَادُهُمْ ضَعِيفَة، وَبُطُونُهُمْ خَاوِيَة، وَالبَرْدُ شَدِيد، لكِنَّ غَايَتَهُم عَظِيمَة، غَايَتُهُمْ دَحْرُ جُيُوشِ الظَّلَامِ الَّتِي جَاءَتْ لِتُطْفِئَ نُورَ الله، وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُون.

إِنَّ القُلُوبَ المُؤْمِنَةَ لَا يُصِيبُهَا الوَهْنُ وَلَا الخَوَر، مَهْمَا تَكَالَبَ الأَعْدَاء، وَمَهْمَا كَانَتْ جُمُوعُهُم،
وَلَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَحْفِرُ بِنَفْسِهِ مَعَهُمْ يَرْتَجِزُ مُعَلِّمًا قَائِلًا:
اللهُمَّ إِنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَة *** فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَة.

فَقَالَ الصَّحَابَةُ مُجِيبِينَ لَه:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدًا *** عَلَى الجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدًا.

لَقَدْ ثَبَتَ المُؤْمِنُونَ الرَّاسِخُون، الَّذِينَ لَمْ تَزِدْهُمْ رُؤْيَةُ تَحَزُّبِ الأَحْزَابِ وَاجْتِمَاعِ الجُنُودِ إِلَّا إِيمَانًا بِاللهِ وَرَسُولِه، وَتَسْلِيمًا لِأَمْرِ اللهِ وَثِقَةً بِوَعْدِهِ وَاتِّبَاعًا لِشَرِيعَتِه، وَلَقَدْ كَانَ ثَبَاتُهُمْ إِيمَانًا وَعَمَلًا، فَفِي الأَزَمَاتِ وَالمِحَن، لَا وَقْتَ لِلْبُكَاءِ وَالصُّرَاخ، وَلَا وَقْتَ لِلْعِتَابِ وَالِاسْتِنْكَار، إِنَّمَا هُوَ صِدْقُ الوَفَاءِ بِعَهْدِ اللهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْه.

رَغْمَ كُلِّ تِلْكَ الأَعْدَاد، وَذَلِكَ الحِصَار، وَرَغْمَ نَقْضِ العُهُودِ مِنَ اليَهُود، وَبُرُوزِ النِّفَاقِ وَأَهْلِه، إِلَّا أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَقْنَطْ قَطُّ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ وَمَوْلَاه، وَلَمْ يَذُقْ قَلْبُهُ طَعْمَ اليَأْسِ فِي نَصْرِ رَبِّ العَالَمِينَ لَه، فَهُوَ وَاثِقٌ بِمَوْعُودِ اللهِ وَالتَّمْكِينِ لِدِينِه، يَبُثُّ فِي نُفُوسِ أَصْحَابِهِ الأَمَل، وَيُبَشِّرُهُمْ بِفَضْلِ اللهِ وَنَصْرِه.

هَا هِيَ صَخْرَةٌ مِثْلُ آلَافِ الصَّخَرَاتِ الَّتِي اعْتَرَضَتْ طَرِيقَ الحَقّ، نَعَمْ أَبْطَأَتِ السَّيْر،
وَأَعَاقَتِ الطَّرِيقَ شَيْئًا مَا، إِلَّا أَنَّ ضَرَبَاتِ الصَّادِقِينَ تَجْعَلُهَا رَمَادًا بِإِذْنِ المَلِك.

يُنَادُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِيَرَى رَأْيَهُ فِي تِلْكَ الصَّخْرَةِ العَظِيمَة،
فَيَأْخُذُ الـمِعْوَلَ بِنَفْسِهِ -صلى الله عليه وسلم- وَيَضْرِبُهَا بِيَدَيْهِ قَائِلًا:
“بِسْمِ اللهِ” فَكَسَرَ ثُلُثَ الحَجَر، وَقَال: “اللهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّام، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا”. ثُمَّ قَال: “بِسْمِ اللهِ” وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الحَجَرِ فَقَال: “اللهُ أَكْبَر، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِس، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ المَدَائِن، وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا”، ثُمَّ قَال: “بِسْمِ اللهِ” وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الحَجَرِ فَقَال: “اللهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ اليَمَن، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا”(أَخْرَجَهُ أَحْمَد).

إِنَّهُ وَعْدُ اللهِ أَنْ يُمَكِّنَ لِدِينِه، وَأَنْ يَنْصُرَ أَوْلِيَاءَه، وَأَنْ يَبْلُغَ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَار.

وَعْدُ اللهِ الَّذِي نُؤَمِّلُهُ وَنُوقِنُ بِتَحَقُّقِه، وَلَوْ كُنَّا فِي أَحْلَكِ ظَرْف، وَأَقْسَى حِصَار، وَأَضْيَقِ مَأْزِق.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيم، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيم، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوه، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.


الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ حَقَّ حَمْدِه، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَبْدِه، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ مِنْ بَعْدِه، أَمَّا بَعْد. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى.

أَيُّهَا المُؤْمِنُون: لَقَدْ ظَلَّ المَسْجِدُ الأَقْصَى أَسِيرًا فِي أَيْدِي الصَّلِيبِيِّنَ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعِينَ سَنَة،
ثُمَّ رَدَّهُ اللهُ بِفَضْلِهِ وَعِزَّتِهِ عَلَى يَدِ صَلَاحِ الدِّين، وَيَقِينًا سَيَعُودُ الأَقْصَى، وَسَيَنْصُرُ اللهُ
عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ عَلَى اليَهُودِ المُجْرِمِين، كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ الصَّادِقُ الأَمِينُ -صلى الله عليه وسلم-، لَكِنَّهُ التَّمْحِيصُ وَالِابْتِلَاء، لِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِين.

إِنَّ النَّصِيرَ هُوَ الله، وَالمُؤْمِنُ يَأْوِي إِلَى الرُّكْنِ الشَّدِيد، إِلَى الرَّبِّ الَّذِي لَا يُهْزَمُ جُنْدُه، وَلَا يُخْلِفُ وَعْدَه.

لَقَدْ وَقَفَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- كَمَا كَانَ دَائِمًا يَلُوذُ بِرَبِّهِ وَمَوْلَاهُ قَائِلًا:
“اللهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَاب، سَرِيعَ الحِسَاب، اهْزِمِ الأَحْزَاب، اللهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ”
(أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ).

فَاسْتَجَابَ اللهُ دُعَاءَ نَبِيِّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُهُ الله، بَعْدَ تَمْحِيصِ المُؤْمِنِين، وَفَضْحِ المُنَافِقِين، فَفَلَّ جُمُوعَ الكَافِرين، وخَذّلَ بينَهُم، ثُمَّ أَرْسَلَ رِيحًا عَلَيهِم، أَطْفَأَتْ نِيرَانَهُم، وَقَلَعَتْ خِيَامَهُم، وَأَلْقَى الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِم، فَانْهَزَمُوا مَدْحُورِين، وَفَرُّوا صَاغِرِين، (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا).

يُذَكِّرُنَا اللهُ تِلْكَ النِّعْمَةَ العَظِيمَة، لِنُكْثِرَ مِنْ حَمْدِه، وَنَسْتَيْقِنَ بِوَعْدِه، فَيَقُولُ سُبْحَانَه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا).

عَلَى المُؤْمِنِ أَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَى رَبِّه، وَيَفْقَهَ حَقِيقَةَ الصِّرَاع، وَأَنْ يَثْبُتَ عَلَى إِيمَانِهِ وَيَقِينِه،
وَيُصْلِحَ العَهْدَ مَعَ الله، وَيَسْأَلَهُ النَّصْرَ وَالتَّمْكِين، مُسَلِّمًا لِحِكْمَتِه، رَاجِيًا لِرَحْمَتِه، وَيَكُونَ مِنَ الصَّابِرِينَ (فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ).

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى المَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِين، اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

اللهُمَّ انْصُرِ المُجَاهِدِينَ فِي فِلَسْطِين، سَدِّدْ رَمْيَهُم، وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُم، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِم، اللهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ فِي أَرْضِ فِلَسْطِين، وَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِك، وَاشْفِ جَرِيحَهُم، وَاجْعَلْ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فِي الشُّهَدَاءِ عِنْدَكَ يَا كَرِيم، اللهُمَّ عَلَيْكَ بِاليَهُودِ المُعْتَدِين، فَرِّقْ جَمْعَهُم، وَأَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَاهْزِمْهُم، وَأَلْقِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِم، هُمْ وَمَنْ عَاوَنَهُم، بِقُدْرَتِكَ يَا قَوِيُّ يَا مَتِين، اللهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَقْوَى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار.

عِبَادَ الله: اُذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.



المرفقات

وهزم الأحزاب وحده.doc
https://khutabaa.com/article/وهزم-الأحزاب-وحده_/download-file/378557
وهزم الأحزاب وحده.pdf
https://khutabaa.com/article/وهزم-الأحزاب-وحده_/download-file/378558
https://khutabaa.com/article/وهزم-الأحزاب-وحده_/download-file/378558
https://khutabaa.com/article/وهزم-الأحزاب-وحده_/download-file/378558

https://khutabaa.com/article/وهزم-الأحزاب-وحده_/download-file/378558

https://khutabaa.com/article/وهزم-الأحزاب-وحده_/download-file/378558
 

الشارقة سوفت

واحة الفكر والقلم
طاقم الإدارة
مؤسس الشارقة سوفت
إنضم
21 أغسطس 2022
المشاركات
16,997
مستوى التفاعل
12,819
المكافآت
4
العمر
55
الإقامة
الإمارات العربية المتحدة
الموقع الالكتروني
sharjahsoft.com
الله يجزاك كل خير وشكرا لك وبارك الله فيك جهد طيب ومتميز والله يعطيك العافية....

حياك الله .........
 

محمد عمر

مدير إدارة البرامج العامة
طاقم الإدارة
مؤسس المنتدى
إنضم
21 أكتوبر 2022
المشاركات
17,783
مستوى التفاعل
9,778
المكافآت
6
العمر
53
الإقامة
ليبيا
بارك الله فيك وجزاك خيرا
 

المهندسة فاطمة

المدير العام للشارقة سوفت
طاقم الإدارة
مؤسس المنتدى
إنضم
27 أغسطس 2022
المشاركات
22,101
مستوى التفاعل
18,081
المكافآت
6
الإقامة
لبنان
بارك الله فيكِى
وجزاكِى الله خير الجزاء
دمتِى برضى الله وحفظه ورعايته
ردود  قمة في الجمال , ردود روعة ولا اروع , اروع الردود علي اروع المواضيع
 

الغريبة

الواحات الإسلامية
طاقم الإدارة
مديرة إدارة الواحات الإسلامية
إنضم
15 نوفمبر 2022
المشاركات
6,349
مستوى التفاعل
6,578
المكافآت
6

جميع المواضيع والمشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها، ولا تعبّر بأي شكل من الاشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى ..

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المنتدى ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك :: يتحمل كاتبها مسؤولية النشر ::.

أعلى