كنا نقرأ على جدران مدارسنا:
من جَدَّ وجد.. من تعب قليلاً استراح طويلاً.. المكارم منوطة بالمكاره..
وكنا نقرأ في أدب المتنبي:
إنْ كنتَ تكبُرُ أنْ تَخْتَالَ في بَشَر ***** فإنّ قَدْرَكَ في الأقْدارِ يَخْتَالُ
كأنّ نَفْسَكَ لا تَرْضَاكَ صَاحِبَهَا **** ٍ إلاّ وَأنْتَ على المِفضَالِ مِفضَالُ
وَلا تَعُدُّكَ صَوّاناً لمُهْجَتِهَا **** إلاّ وَأنْتَ لهَا في الرّوْعِ بَذّالُ
لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ***** الجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّالُ
قضى الله أنه لا محاباة لأحد على غيره، ولن يشفع للكسول نَسَبه وَحَسَبه..
فما دام لا يمكن أن يُحصد زرع بغير بذر، أو تُجنى ثمرة بغير غرس؛ فكذلك الأمم لا تُبنى بالركون إلى الماضي والتغني والتفاخر بالآثار مهما كان مشرقاً! بل الطريق إلى المعالي بذل الجهد واستفراغ الوسع وعدم التهاون، لنضم إلى أمجاد الماضي إنجاز الحاضر، كما قيل:
لسنا وإن كَرُمَتْ أوائلنا.......يومًا على الأحساب نتكل
نبني كمـا كانت أوائلـنا.......تبني ونفعلُ مثلَ ما فعلـوا
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله:
"وقد أجمع عقلاء كل أمة، على أن النعيم لا يُدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، وأنَّ بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق، تكون الفرحة واللذة، فلا فرحة لمن لا همَّ له، ولا لذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلاً استراح طويلاً، وإذا تحمل مشقة الصبرِ ساعة قاده لحياة الأبد، وكل ما فيه أهل النعيم المقيم فهو صبر ساعة".
من فهم جيداً هذا؛ تجده حريصا على صنع نجاحه بيده، وانتزاع سعادته بعمله، متوكل في ذلك على الله حق توكله، لا تراه متحسراً على حاله، ولا شاكياً لعجزه ومآله، ولا باكياً على عمره، ولا متمنياً شباباً ولى، بعد ما أعقبه المشيب! بل هو مؤمن بأن الفشل طريق للنجاح، وأن البلاء طريق للعافية، وقاموس حياته لا يعرف اليأس والعجز، ولا الكسل والتمني.
دمتم سالمين...
من جَدَّ وجد.. من تعب قليلاً استراح طويلاً.. المكارم منوطة بالمكاره..
وكنا نقرأ في أدب المتنبي:
إنْ كنتَ تكبُرُ أنْ تَخْتَالَ في بَشَر ***** فإنّ قَدْرَكَ في الأقْدارِ يَخْتَالُ
كأنّ نَفْسَكَ لا تَرْضَاكَ صَاحِبَهَا **** ٍ إلاّ وَأنْتَ على المِفضَالِ مِفضَالُ
وَلا تَعُدُّكَ صَوّاناً لمُهْجَتِهَا **** إلاّ وَأنْتَ لهَا في الرّوْعِ بَذّالُ
لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ***** الجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّالُ
قضى الله أنه لا محاباة لأحد على غيره، ولن يشفع للكسول نَسَبه وَحَسَبه..
فما دام لا يمكن أن يُحصد زرع بغير بذر، أو تُجنى ثمرة بغير غرس؛ فكذلك الأمم لا تُبنى بالركون إلى الماضي والتغني والتفاخر بالآثار مهما كان مشرقاً! بل الطريق إلى المعالي بذل الجهد واستفراغ الوسع وعدم التهاون، لنضم إلى أمجاد الماضي إنجاز الحاضر، كما قيل:
لسنا وإن كَرُمَتْ أوائلنا.......يومًا على الأحساب نتكل
نبني كمـا كانت أوائلـنا.......تبني ونفعلُ مثلَ ما فعلـوا
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله:
"وقد أجمع عقلاء كل أمة، على أن النعيم لا يُدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، وأنَّ بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق، تكون الفرحة واللذة، فلا فرحة لمن لا همَّ له، ولا لذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلاً استراح طويلاً، وإذا تحمل مشقة الصبرِ ساعة قاده لحياة الأبد، وكل ما فيه أهل النعيم المقيم فهو صبر ساعة".
من فهم جيداً هذا؛ تجده حريصا على صنع نجاحه بيده، وانتزاع سعادته بعمله، متوكل في ذلك على الله حق توكله، لا تراه متحسراً على حاله، ولا شاكياً لعجزه ومآله، ولا باكياً على عمره، ولا متمنياً شباباً ولى، بعد ما أعقبه المشيب! بل هو مؤمن بأن الفشل طريق للنجاح، وأن البلاء طريق للعافية، وقاموس حياته لا يعرف اليأس والعجز، ولا الكسل والتمني.
دمتم سالمين...