البكتيريا الزرقاء هي نوع من البكتيريا القادرة على التمثيل الضوئي، على غرار النباتات. وقد عُرفت بقدرتها على إنتاج الأكسجين وتثبيت النيتروجين، ولكن مؤخرًا، اكتشف العلماء سلالة جديدة من البكتيريا الزرقاء لديها القدرة على المساعدة في عزل الكربون. وقد وجد أن هذه السلالة الجديدة، Synechococcus sp. PCC 7002، تتمتع بقدرة فريدة على تخزين الكربون الزائد في شكل جليكوجين، وهو نوع من السكر. هذا الاكتشاف مهم لأنه قد يؤدي إلى طريقة جديدة لعزل الكربون، والتي يمكن أن تساعد في التخفيف من آثار تغير المناخ.
إن احتجاز الكربون هو عملية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه لمنع إطلاقه في الغلاف الجوي. وهذا مهم لأن ثاني أكسيد الكربون هو غاز دفيئة يساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي. ومن خلال إيجاد طرق جديدة لحجز الكربون، يمكننا المساعدة في تقليل كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وإبطاء وتيرة تغير المناخ. ويمكن للبكتيريا الزرقاء المكتشفة حديثًا أن تلعب دورًا حاسمًا في هذه العملية من خلال العمل كمصرف طبيعي للكربون.
ومن بين المزايا الرئيسية لاستخدام البكتيريا الزرقاء في تخزين الكربون أنها قادرة على النمو بسرعة وفي مجموعة متنوعة من البيئات. وهذا يعني أنه من الممكن استخدامها في مجموعة واسعة من البيئات، بما في ذلك المرافق الصناعية ومحطات الطاقة، وحتى في المحيطات المفتوحة. ومن خلال تسخير القدرة الطبيعية للبكتيريا الزرقاء على تخزين الكربون، يمكننا ابتكار طريقة أكثر استدامة وكفاءة لتخزين الكربون.
إن عملية عزل الكربون باستخدام البكتيريا الزرقاء بسيطة نسبيًا. حيث تُزرع البكتيريا الزرقاء في وسط زراعي يحتوي على ثاني أكسيد الكربون، والذي تقوم بعد ذلك بتحويله إلى جليكوجين من خلال عملية التمثيل الضوئي. ويعمل هذا الجليكوجين كشكل من أشكال تخزين الكربون، مما يسمح للبكتيريا الزرقاء بإزالة ثاني أكسيد الكربون الزائد من البيئة. ومن ثم يمكن حصاد الجليكوجين وتخزينه، مما يؤدي إلى عزل الكربون بشكل فعال لفترات طويلة من الزمن.
وبالإضافة إلى قدرتها على عزل الكربون، تتمتع البكتيريا الزرقاء بفوائد محتملة أخرى. على سبيل المثال، يمكن استخدامها لإنتاج الوقود الحيوي والبلاستيك الحيوي وغيرها من المنتجات القيمة. ومن خلال الاستفادة من قدرات هذه البكتيريا متعددة الاستخدامات، يمكننا خلق طريقة أكثر استدامة وصديقة للبيئة لإنتاج الموارد التي نحتاجها لتغذية مجتمعنا.
ولكن لا تزال هناك بعض التحديات التي يتعين معالجتها من أجل تحقيق الاستفادة الكاملة من إمكانات البكتيريا الزرقاء في احتجاز الكربون. ومن بين التحديات الرئيسية زيادة إنتاج البكتيريا الزرقاء لإحداث تأثير ملموس في احتجاز الكربون. وسوف يتطلب هذا قدراً كبيراً من البحث والاستثمار في التكنولوجيا الحيوية والهندسة الحيوية لتحسين نمو هذه البكتيريا وقدراتها على تخزين الكربون.
ويتمثل التحدي الآخر في ضمان بقاء الكربون الذي تخزنه البكتيريا الزرقاء محتجزاً لفترات طويلة من الزمن. ورغم أن الجليكوجين يشكل شكلاً مستقراً لتخزين الكربون، فإن الخطر يظل قائماً في إمكانية إطلاقه مرة أخرى في الغلاف الجوي من خلال التحلل أو غير ذلك من العمليات. وسوف يكون إيجاد السبل الكفيلة بتخزين الجليكوجين بشكل آمن ومنع إطلاقه أمراً بالغ الأهمية لنجاح هذه الطريقة في احتجاز الكربون.
وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن اكتشاف البكتيريا الزرقاء المكتشفة حديثاً قد يحمل وعداً كبيراً في المساعدة على عزل الكربون ومكافحة تغير المناخ. ومن خلال تسخير القدرات الطبيعية لهذه البكتيريا، يمكننا ابتكار طريقة أكثر استدامة وفعالية لعزل الكربون يمكن أن تساعدنا في الحد من تأثيرنا على البيئة. وسوف يكون إجراء المزيد من البحوث والتطوير في هذا المجال ضرورياً لإطلاق العنان للإمكانات الكاملة للبكتيريا الزرقاء في عزل الكربون وخلق مستقبل أكثر استدامة لكوكبنا.