كشفت دراسة حديثة أن إعادة نمو الغابات الاستوائية بشكل طبيعي لديها إمكانات هائلة لمكافحة تغير المناخ واستعادة التنوع البيولوجي. ووجدت الدراسة، التي أجراها فريق من الباحثين من جامعات حول العالم، أن الغابات التي تُركت لتنمو من تلقاء نفسها بعد إزالة الغابات يمكنها أن تحجز كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. وهذا الاكتشاف مهم بشكل خاص في أزمة المناخ العالمية الحالية، حيث أن إزالة الغابات وتدهورها من الأسباب الرئيسية لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وقد حللت الدراسة بيانات من أكثر من 1500 قطعة أرض في مناطق الغابات الاستوائية في آسيا وأفريقيا والأمريكيتين. ووجد الباحثون أن حتى الغابات التي تدهورت بشدة بسبب قطع الأشجار أو الزراعة كانت قادرة على التعافي واحتجاز الكربون بمرور الوقت. ويشير هذا إلى أن السماح للغابات بالنمو بشكل طبيعي قد يكون وسيلة أكثر فعالية وأقل تكلفة للتخفيف من تغير المناخ من زراعة غابات جديدة أو تنفيذ تقنيات احتجاز الكربون الباهظة الثمن.
ومن بين النتائج الرئيسية للدراسة أن معدل احتجاز الكربون في الغابات الاستوائية المعاد نموها كان مماثلاً لمعدل احتجاز الكربون في الغابات الناضجة غير المضطربة. وهذا يشير إلى أن هذه الغابات المعاد نموها لديها القدرة على لعب دور مهم في تعويض الانبعاثات الكربونية العالمية. وبالإضافة إلى ذلك، وجدت الدراسة أن الغابات المعاد نموها توفر أيضًا موطنًا مهمًا للتنوع البيولوجي، حيث تعود العديد من الأنواع إلى هذه المناطق مع تعافي الغابات.
وأكد الباحثون أن الجهود الرامية إلى حماية الغابات الاستوائية واستعادتها ينبغي أن تركز على السماح بعمليات إعادة النمو الطبيعية، بدلاً من الاعتماد فقط على التدخلات البشرية مثل زراعة الأشجار أو إدارة الغابات. ولا يتمتع هذا النهج بالقدرة على أن يكون أكثر فعالية في عزل الكربون فحسب، بل إنه يساعد أيضاً في دعم التنوع البيولوجي المحلي وخدمات النظم الإيكولوجية.
إن نتائج الدراسة لها آثار مهمة على صناع السياسات والمحافظين على البيئة الذين يعملون على معالجة آثار إزالة الغابات وتغير المناخ. ومن خلال الاعتراف بقيمة إعادة النمو الطبيعي في الغابات الاستوائية، يمكن للحكومات والمنظمات تطوير استراتيجيات أكثر فعالية للحفاظ على الغابات واستعادتها. وقد يتضمن هذا تنفيذ سياسات تعطي الأولوية لحماية الغابات المعاد نموها وتوفير الحوافز لملاك الأراضي للسماح لأراضيهم بالخضوع للتجديد الطبيعي.
وبالإضافة إلى الفوائد البيئية التي تعود على البيئة من إعادة نمو الغابات الاستوائية، فإن إعادة نموها بشكل طبيعي قد تعود بالنفع على المجتمعات المحلية. فمن خلال استعادة خدمات النظم الإيكولوجية مثل تنقية المياه، وخصوبة التربة، وإنتاج الأخشاب، يمكن لإعادة نمو الغابات أن تساهم في توفير سبل العيش المستدامة للسكان القريبين. وهذا يسلط الضوء على أهمية الانخراط مع المجتمعات المحلية في جهود الحفاظ على البيئة والاعتراف بدورها كأوصياء على الأرض.
وبشكل عام، تسلط نتائج الدراسة الضوء على الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها إعادة النمو الطبيعي في الغابات الاستوائية لمعالجة التحديات المزدوجة المتمثلة في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي. ومن خلال السماح للغابات بالتعافي من تلقاء نفسها، يمكننا تسخير قوة الطبيعة لحجز الكربون ودعم التنوع البيولوجي وتوفير خدمات بيئية مهمة. وبينما نعمل نحو مستقبل أكثر استدامة، من الأهمية بمكان أن نعطي الأولوية لحماية الغابات الاستوائية واستعادتها والاعتراف بالدور القيم الذي تلعبه إعادة النمو الطبيعي في هذه العملية.